ثانوية جابر بن حيان التأهيلية / جرادة
مسابقة الصحفيين الشبــــــــــاب2007
إنجاز مجموعة من التلاميذ
تحت إشراف ذ.محمد السباعي
الموضوع : الغابة
!! كفوأ أيديكم عني...
قتل وحرق هنا، تد مير وتلويث وكسر أغصان هناك،وزحف للأجور والإسمنت من كل جانب...ذلك هو حال الغابة بمدينتي ولسان حالها يقول " كفوا أيديكم عني.." في حين نسمع على لسان الجيل السابق عبارات الأسى والحسرة:
"وا أسفاه على الحي الأوربي بجرادة!... لقد كان جنة خضراء في الماضي القريب…"
ما الذي تغير؟ ومن المسؤول عن هذه الجرائم التي ترتكب يوميا في حق هذه الثروة النباتية؟
هذه التساؤلات دفعتنا إلى التقصي في موضوع الغابة بإقليم جرادة للوقوف على حجم الكارثة البيئية التي تهدد الأجيال القادمة، فقمنا بالاتصالات اللازمة مع المسؤولين والمهتمين ثم نظمنا جولة ميدانية لمعاينة المشكل عن كثب. فكانت البداية مع مصلحة المياه والغابات بالإقليم التي زودتنا ببعض الوثائق والمعطيات حول الغابة بالإقليم.
يغطي الملك الغابوي مساحة تقدر ب 294.407 هكتار من مروج الحلفاء، و68.800 هكتار من الغابات الطبيعية، و11.667 هكتار من الغابات الاصطناعية. وأهم هذه الغابات الطبيعية هي:غابة عين الكرمة، وغابة بني يعلى، وغابة العياط . وتلعب هذه الغابات أدوارا مختلفة على الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، وذلك بخلق فرص الشغل لسكان العالم القروي ، وتزويد حاجياتهم من عود التدفئة ووحدات علفية للماشية وغيرها، كما توفر الوسط البيئي الملائم لتكاثر أعداد الوحيش وتساهم في تثبيت التربة وحماية السدود والمنشآت الاجتماعية وغيرها من آثار السيول.
ولكن ما هي بالضبط المخاطر الحقيقية التي تهدد الغابة بإقليم جرادة؟
للإجابة على هذا التساؤل كان علينا معاينة الوضع ورصد كل ما يهددهذه الثروة الوطنية بالإقليم.
إن أول مشكل تعاني منه الغابة وهو قلة عدد حراس الغابة مما يفسح المجال أمام المخربين لقطع الأشجار بكل وحشية ولأغراض مختلفة.
البعض يستعمل الحطب للتدفئة في المنازل أو في الحمامات العمومية والأفران، ولكن الأخطر في الأمر استعمال جذوع الأشجار وبمكيات كبيرة في تثبيت آبار الفحم. وهذه الظاهرة الفريدة من نوعها طفت على السطح بمدينتنا على إثر إغلاق المفاحم من دون توفير بدائل اقتصادية للسكان. هذه الآبار تضر بالغابة من خلال تدمير جذور الأشجار مع توسع رقعة البئر الفحمي...ومن ناحية أخرى يتم تحويل مساحات غابوية إلى مساحات زراعية .
ومن جهة أخرى، كشف تقرير* لجمعيات محلية بمدينة جرادة عن وجود عمليات اجتثاث غير قانونية لمساحات كبيرة من مروج الحلفاء و "الموتورال"، مما أدى إلى جعل مساحات كبيرة خالية من الغطاء النباتي خلال وقت وجيز" كما أشار تقرير صادر من فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وجمعية جرادة لدعم التنمية المحلية وجمعية إسعاف جرادة تنمية وتضامن إلى "التحايل على الوضع العقاري الخاص بالأراضي العرشية للاستيلاء على بقع بعد اجتثاثها"
يتم الاعتداء على مروج الحلفاء بهدف الحصول على ملكيات بسهب النعام وبنديمية وكعدة الكطة وفدان العجاج بجماعة بني يعلى ، فيما يشكل نصب الخيام داخل الملك الغابوي طريقة أخرى في التحايل بهدف الحصول على قطع أرضية بعد تدمير الغطاء النباتي وتشويهه تغيير معالمه. وقد أشار التقرير في هذا الإطار إلى قيام أحد أعوان السلطة الموقوفين بتسييج جزء من الملك الغابوي وغرس بعض أشجار الزيتون وحفر بئر ونصب خيمىة وحظيرة بأغصان الغابة" . وهو نفسه الذي اجتث مساحة من الحلفاء وحصل على قطعة أرضية واستغلها في عملية الحرث بمنطقة الفيضة. وأضاف التقرير أن أحد المواطنين قام بنصب خيمة وإقامة حظيرة بأغصان الأشجار في قبيلة ولاد سيدي الشيخ بهدف الاستيلاء عليها رغم وجودها وسط الغابة مشيرا إلى عملية الحرث المتكرر داخل الملك الغابوي بلغواط إلى عملية تمليك الأراضي بالملك الغابوي من طرف عون السلطة / كما لم يغفل التقرير العوامل السوسيو اقتصادية التي تدفع بعض المواطنين إلى التدخل العنيف واقتلاع الغطاء النباتي بفعل الرعي المفرط الذي لا يراعي شروط تجدد المراعي أو بهدف توسيع الملكيات وتتم عمليات التوسع على حساب الملك الغابوي بالإقليم عبر قيام صاحب الأرض المتواجدة بأحد مواقع الغابة باستقدام أصحاب الخيام للإقامة فوقها وحرثها مقابل أن يقوموا باجتثاث الغابة أو مروج الحلفاء لتوسيع الملكية ولشرعنة الاستيلاء عليها، استنادا على تقادم التعمير أو الاستغلال ...كما يشير التقرير إلى قلق المواطنين من الآثار السلبية للمحطة الحرارية بحاسي بلال التي تستعمل مادة الفحم المستورد الذي تتراوح نسبة الكبريت به ما بين 2.5 و5% ، وكذا الغازات المنبعثة منه مشيرا إلى أن خطورة هذه المواد السامة تزداد مع هبوب رياح الشرقي الجافة وهو ما ينذر بخطر حقيقي يهدد السكان مطالبا بفرض ضريبة تلوث الغطاء النباتي على المحطة اقترحت الجمعيات الثلاث من أجل تجاوز هذا الخطر البيئي إلى إقامة شراكات بين مقاطعة المياه والغابات وهيئات المجتمع المدني بهدف الحفاظ على سلامة البيئة و نشر الوعي البيئي من أجل ترشيد و عقلنة استغلال الغطاء النباتي في الرعي و تنمية المراعي.
تعاني الغابة بجرادة كذلك من مشكل التلوث وذلك بإلقاء النفايات بها وهو أمر يسيء إلى جماليتها ويعبر عن انعدام
الضمير عند هذا الإنسان الذي لا يعي الأهمية البيئية للأشجار والنباتات.
هل من سبيل لعلاج الظاهرة؟
يقول مسؤول في الجماعة البحضرية بأن مصلحة النباتات في البلدية تعمل ما في وسعها من أجل غرس الأشجار ورعايتها وقد لا حظنا شيئا من هذا في مدخل حاسي بلال. ولكننا نرى أن هذه الجهود لا زالت محتشمة مقارنة مع وثيرة التدمير والقطع التي تستمر في صمت. كما نقترح على مصلحة المياه والغابات مضاعفة الجهود لحماية الغطاء النباتي. ولكن الدور المهم في نظرنا ينبغي أن تقوم به المدرسة ووسائل الإعلام من أجل غرس الحس البيئي وتنميته في نفوس الناشئة وتكثيف الأنشطة التي تخدم هذه الأهداف.
-------------
*يحيى بنطاهر /الأحداث المغربية